مشرق العالم العربي ومغربه: ذلك التواصل المفقود

عشرون عاما فصلت بين رحلتي الأولى للمملكة المغربية الشقيقة ورحلتي الثانية التي قمت بها هذا العام, والتي شملت أيضا رحلتي الأولى للجمهورية الجزائرية, عشرون عاما مثقلة بالتحولات والتبدلات في العالم من حولنا في مناحي الحياة كافة, في الاقتصاد, العلم, الاجتماع والسياسة.
وهي تحولات إذا ما قيست بحجم تأثيرها السريع في البشرية لجاز لنا أن نقارنها زمنياً بما شهدته البشرية من تطور خلال مئات, أو ربما آلاف السنين.
ولنا أن نتساءل الآن, هل أصبنا نحن العرب المسلمين نصيباً من كل هذا التحول والتطور والرقي يليق بنا كأمة تتغنى بماضٍ عظيم وتراث إنساني مهم في تطور البشرية?
نعم, لقد أصبنا شيئا لا بأس به من التحول في بعض المجالات وفروع العلم والمعرفة, لكن ما خسرناه ـ في قناعتي ـ كان أكثر بكثير مما جنيناه, أفدنا شيئا من العلوم الحديثة, وحققنا شيئا من الانفتاح على العالم من حولنا, وفتحنا أبوابنا, أو انفتحت رغما عنا, لشيء من إنتاج هذا العالم وإبداعاته, وقلدنا الكثير من أفكاره وعاداته وسلوكياته ولو كان ذلك على حساب الكثير من قيمنا الأصيلة ومبادئنا الخيرة, ولكن أسوأ ما في الأمر أننا أضعنا فرصا ثمينة وأهدرنا حقوقاً ومصالح ما كان لنا أن نتنازل عنها لو أننا تماسكنا فيما بيننا, وحكّمنا العقل والمنطق وقدمنا المبادئ على المصالح الآنية, وعمقّنا فكرنا وثقافتنا وحاولنا أن نفهم مبكراً القواعد التي حكمت التطور العالمي وشروط النهضة التي تسود العالم اليوم.
في الأعوام العشرين المنصرمة, انفتح العالم على مصراعيه, وتداخل مغربه في مشرقه, وتقاربت الدول, وانهارت الكثير من الحدود الاقتصادية والثقافية, بل وتفتتت الحدود السياسية في بعض الحالات, وأصبح الانتقال والاتصال سمة العصر وسادت العالم ظاهرة انتقال البشر الدائم من مكان لآخر, وأصبحت السياحة هي العملة الصعبة الجديدة التي تتخاطفها الدول كبراها وصغراها على حد سواء, وصرت تشاهد كل الأجناس البشرية, أينما حللت في المكان أو رحلت في الزمان.
هذه المقدمة أثارها في الذهن فاصل الأعوام العشرين بين رحلتيّ إلى المغرب ولسنا هنا بصدد الدخول في تفاصيل الرحلة (الثانية), وإنما سأطرح في حديثي هذا الشهر بعض الانطباعات والقضايا التي عدت بها من رحلتي المغاربية, والتي لم تتجاوز الأسبوع بدءا من الكويت إلى الجمهورية الجزائرية ثم المملكة المغربية وحتى العودة للكويـت, ومـن ثم فلا مناص من البدء بمسألة الطريق من الكويت إلى سواحل بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) كما كان يطلق عليه في المؤلفات العربية القديمة.

قصور في التواصل
كان أول مؤشر على واقع تخلفنا وتقصيرنا عن الاستفادة من تلك التحولات العالمية التي أحاطت بنا, ذلك القصور الشائن في تنظيم حركة الاتصال بين البلاد العربية, فهذه المنطقة التي تعتبر عصب حركة الاتصال بين الشرق والغرب قديما وحديثا, نجدها عاجزة عن تنظيم الاتصال بين أجزائها, فالمسافة مثلا بين الكويت والجزائر العاصمة لا تتجاوز سبع ساعات بالطائرة, ولكنها تأخذ في الواقع حوالي يومين متنقلا من مطار إلى آخر, ومن فندق لفندق, مستهلكا الوقت والجهد لكي تقطع مسافة بين نقطتين تستغرق ساعات معدودة, فلو أننا أجدنا وسائل الاتصال وأدركنا أن الخط المستقيم هو أقرب مسافة بين هاتين النقطتين لحققنا فائدة كبيرة.
وينطبق هذا كما يبدو على كل مناحي حركة الاتصال بين المشرق والمغرب, فلا أعلم مثلا أن هناك قطارات أو طرقا برية آمنة ومخدومة تربط بين المنطقتين, ولكن عليك الالتزام بخطوط الطيران التي لا بد أن تأخذ منك هذين اليومين حتى تصل, ولا تملك مع ذلك اختيار الوقت الذي تريد فيه المغادرة والعودة, بل هو مفروض عليك من قبل من يملكون القرار في شئون شركات الطيران والمطارات.
وبهذا الوقت ـ أي مسافة الوصول من الكويت إلى الجزائر ـ يمكن للأوربي أن ينتقل من بلده أيا كان اسمه إلى أمريكا وينجز أعماله ثم يعود إلى بلده مرة أخرى! وهذا النقص في تسهيلات السفر بين المشرق والمغرب يشمل حركة البشر والكتب والمجلات, والتجارة ورءوس الأموال, وبالتالي يخلق نوعا من القطيعة والتباعد, ومحدودية المعرفة والجهل بالآخر لدى كل الأطراف.
إن مجموعة كبيرة من التساؤلات المهمة التي تلقيتها من مثقفين بارزين في المغرب العربي, خلال تلك الرحلة القصيرة, تعلقت في الأساس بقضايا التواصل الثقافي, أو بمعنى أدق غياب ذلك التواصل الثقافي الذي كان يفترض وجوده, بين كل من المشرق والمغرب العربيين. ويمكن إجمال معطيات الأسئلة في النقاط التالية:
هناك تيار مهم ومؤثر من المثقفين المغاربة ـ وصفة المغاربي هنا تشمل: المغرب والجزائر وليبيا وتونس ـ يأخذ موقفاً (متشائماً) فيما يتعلق بهذه المسألة, فيذهب بعض دعاته إلى درجة اليأس من التواصل مع المشرق, وبالتالي فهم يحاولون إغلاق الباب أمام أية إمكانية للتواصل معه, لأنه لا فائدة منه ـ على حد تعبير أحد ممثلي هذا التيار ـ فقد (تهمشنا وهُمشنا ولا أحد يعترف بنا في المشرق)… ويكمل (ماذا جاءنا من المشرق حتى الآن! جاءنا من يعلمنا الإسلام! نحن أبناء الحضارة الإسلامية, وموطن الكثير من حركات التجديد في الفكر الإسلامي, يأتينا الآن ما أسميه (الإسلام الآسيوي)! على أيدي أصحاب الحركات الإسلامية الذين تعاونوا مع الأفغان والباكستان وطالبان وغيرهم, ليزرعوا بذور العنف المقترن بكثير من التخلف في بلادنا…) ويزيد ذلك المثقف المغربي البارز بالقول (إن المشارقة غير مهتمين بنا, لا يتابعون ما يحدث في مجتمعاتنا من تطور, وما تشهده ساحاتنا من مستجدات وتحولات في كثير من فروع العلوم الاجتماعية والفنية وغيرها, وعلى عكس عرب المشارق نجد أن الغرب يرصد كل هذه التطورات ويتابع ما تنتجه عقول مفكرينا ويقرءون مؤلفاتنا وهناك الكثير من الجامعات ومراكز الأبحاث في الغرب الأوربي والأمريكي يوجهون الدعوات لهؤلاء الباحثين والمفكرين للمشاركة في الندوات والأبحاث وينظمون حلقات الحوار والنقاش معهم للتعرف على إنتاجهم, وهذا دليل اعتراف أكيد بمدى ما وصلت إليه حركة الثقافة والسياسة في مجتمعاتنا من تطور) (والحديث هنا ينصب على المغرب بالدرجة الأولى)… ويتابع: (لقد تحقق تقدم كبير في قطاعات معينة نذكر منها على سبيل المثال (الدراسات الإنسانية والاجتماعية) وبخاصة دراسات البحث التاريخي واللسانيات والفلسفة, واللغة العربية, وهناك نهضة كبيرة معترف بها في الفن التشكيلي والرواية وغيرها من فروع المعرفة, والمشرق لا يعرف الكثير عن كل ذلك, ومن ثم فقد بدأ اليأس يدب في نفوسنا وأصبحنا نفكر في الابتعاد عن المشرق وربما العرب بشكل عام)!

سلبية الواقع الثقافي
وجدت هذه الرؤية لدى عدد لا يستهان به ممن التقيت به م من الأدباء والكتاب وخاصة الشباب منهم أو من هم في حكم الشباب, ورغم أن هذه النظرة المتشائمة لطبيعة وأبعاد التباعد والانقطاع الثقافي بالمفهوم المتعارف عليه اليوم بين المشرق والمغرب في عالمنا العربي لا تمثل اتجاها سائدا في أوساط المثقفين المغاربيين لكنها تعكس رأي دائرة من المثقفين الأكثر اتصالا بالمشهد الثقافي في العالم الغربي, وربما في فرنسا بوجه خاص, ولكن هذا لا يقلل من وطأة هذه المشكلة وأثرها السلبي في إمكانات تقدم وازدهار الواقع الراهن للثقافة العربية, ذلك أن محدودية التواصل والتفاعل بين جناحي الثقافة العربية في المشرق والمغرب, إنما ينعكس سلبا بكل تأكيد على عطاء هذه الثقافة وقدرتها على الإنجاز في مواجهة متطلبات القرن الجديد وتحولاته المتسارعة, خاصة إذا ما سلمنا بأن الثقافة وقادتها لهم دور مؤثر وفعّال في هذا العصر في رسم اتجاهات المواطن وتعزيز إمكانات تأثيرها في راسمي القرار السياسي والاقتصادي حيث تمارس الثقافة دوراً في التأثير المباشر وخاصة من خلال وسائل الاتصال المفتوحة على مصاريعها.
أعود لأقر بأنه على رغم غُلو هذه النظرة ـ أحيانا ـ وإمعانها في تضخيم تقصير الثقافة المشرقية تجاه شقيقتها المغاربية, فإن ذلك لا يعفي المثقفين المشارقة ـ كافة ـ من هذا التقصير, وفي نفس الوقت لا يبرئ ساحة الثقافة المغاربية من تحمل جزء مهم من هذه المسئولية, فالتقصير مشترك دون ريب, ومن ثم فلا الثقافة المشرقية ستنجو من التخلف ولا المغاربية ستحدد هويتها إلا إذا ردمت الهوة التي تفصل بينهما, ولا بد من تعزيز إمكانات وفرص التواصل والتفاعل والتلاقي بين الطرفين عبر كل الوسائل والوسائط, الكتاب, والدورية الثقافية, وتنشيط إسهام المثقفين في كلتا المنطقتين في الكتابة في المجلات والدوريات الصادرة هنا وهناك, وتبادل الاشتراك في الأنشطة الثقافية لدى الطرفين ـ ندوات ومؤتمرات واحتفاليات ثقافية كالمهرجانات الفنية, وغيرها من آليات التواصل ووسائله.

أسباب للقطيعة
لقد كان المشرق يعاني خلال الخمسينيات والستينيات وحتى بداية السبعينيات, من صعوبة التواصل الثقافي مع المغرب العربي لأسباب عدة أهمها أن من يكتبون بالعربية في المغرب في تلك الفترة كانوا قلة تعد على أصابع اليدين, وكانت قراءتهم مشرقيا تتحقق من خلال ترجمة أعمالهم عن الفرنسية, وكانت هذه الترجمات محدودة, كما أن الثقافة المغاربية في أغلبها كانت أسيرة للغة المستعمر, وهذا يعني أن جانبا أو بعداً من أبعاد التباعد الثقافي بين المشرق والمغرب لا يتحمل مسئوليته المشارقة وحدهم. والآن وبعد انتشار التعريب والعربية في بلدان المغرب العربي, وبعد أن شرع قطاع لا بأس به من مثقفي المغرب في العمل الجاد في نشر نتاجهم وإيصاله إلى المشرق, بدأنا نقرأ للأقلام المغاربية, وبدأت بوادر مسيرة التواصل والاتصال تتعزز منذ الثمانينيات وتتعمق مع التسعينيات, ويتطلب الأمر الآن بذل مزيد من الجهد من الطرفين من خلال الندوات والحوارات واستخدام أجهزة الإعلام والفضائيات ـ المتاحة ـ لتوسيع إطلالة كل طرف على منجزات وقضايا وهموم الطرف الآخر والتفكير بشكل جدي في إنشاء مؤسسات للعمل الثقافي المشترك, وتأسيس دور نشر ومراكز أبحاث مشتركة والاستفادة من تجارب مؤسسات ثقافية عربية في العمل العربي المشترك, كتجربة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت, والمجلس الأعلى للثقافة في جمهورية مصر العربية, الذي يقوم منذ فترة ليست بالقصيرة في مد خيوط التواصل الثقافي العربي من خلال برامج نشطة وواسعة أعادت للقاهرة تنشيط دورها كعاصمة للثقافة العربية على الأقل في التنسيق والقيام بدور المحرض والداعي للتواصل والحوار بين كل عواصم الثقافة العربية على امتداد رقعة البلاد العربية.
وهناك تيار أكثر اعتدالا يضم تيارا واسعا من المثقفين المغاربة يلقي اللوم على المجلات والدوريات العربية المشرقية بسبب قصرها لاهتمامها على ما هو مشرقي وإهمالها لما هو مغاربي, ويضيف أحد ممثلي هذا الرأي قوله:(إن مجلة العربي تعد في مقدمة هذه المجلات التي يوجه إليها هذا اللوم, فقد كانت تتضمن قبل فترة زمنية إسهامات طيبة من أقلام مغاربية لكن الأمر عاد كما كان وشحت هذه المساهمات ..وكأننا مازلنا نعيد إنتاج هذه الدائرة, وبضاعتنا ردت إلينا..).
ورغم أن هذا العتاب له ما يبرره من حيث المبدأ, فإن تجزئة هذا العتاب أو اللوم واجبة من أجل مزيد من إضاءة أبعاد هذه المسألة, إن اللوم ينصب ـ وأنا أوافق على هذا الأمر ـ على أن غالبية من يكتبون في (العربي) هم كتاب من المشرق العربي, غير أن (العربي) لم تهمل قضايا ومشكلات المغرب العربي, حتى لو لم يتواصل معها مثقفو المغرب, على مدى سنوات عمرها التي تخطت الاثنتين والأربعين, فالموضوعات المنشورة في أعدادها لا تعد ولا تحصى, عن قضايا المغرب العربي السياسية والاجتماعية والثقافية, وعن مدنه وبلدانه وثرواته. فثالث عدد صدر من مجلة العربي, على سبيل المثال, حمل غلافه صورة من استطلاع ميداني عن جيش التحرير الجزائري, وكان ذلك في بداية عام 1959م.
وقد قامت (العربي) بدور مهم ـ قبل ظهور التلفزيون على وجه الخصوص ـ في تعريف القارئ العربي بالجزائر والمغرب وتونس وليبيا, وبقضايا النضال المغاربي ضد الاستعمار الفرنسي, وسلطت الضوء على المدن المغاربية وما تعيشه من أنشطة اجتماعية ودينية وسياحية فكانت (العربي) خلال سنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ـ وبعدها ـ مرآة صادقة لبلدان المغرب العربي, ومع ذلك فكما قلت لكل من التقيته في رحلتي هذه بأننا في (العربي) نتطلع إلى مساهمات جديدة وجادة من جيل المثقفين الجدد وممن سبقوهم, لطرح أفكارهم ورؤاهم وقضاياهم الثقافية وعرض تطور حياة بلدانهم وشعوبهم, من أجل المزيد من التواصل والتفاعل بين المثقفين العرب.

المركزية المشرقية
هناك إشكالية أخرى مطروحة في الساحة الثقافية المغاربية فيما يتعلق (بالمركزية المشرقية) على غرار ما يقال عن المركزية الأوربية فيقال مثلاً: (نحن نقرأ ونتابع كل ما ينشر خارج المغرب العربي, لكن ما ينشر عندنا لا يلقى نفس الاهتمام والمتابعة من المشارقة إلا نادراً ومن الأمثلة المثيرة للشجن فيما يتعلق بذلك أن (أستاذاً كبيراً في النقد الأدبي ـ مشرقيا بالطبع ـ أنجز موسوعة عن الرواية العربية في مائة عام, في خمسة مجلدات ضخمة, ورغم الجهد الكبير المبذول في إعداد هذه الموسوعة المهمة, فإنه لم يورد فيما يتعلق بالروائيين الجزائريين أو المغاربة سوى روائي واحد أو اثنين, وتوقف في رصده للرواية في المغرب العربي عند الستينيات والسبعينيات, أما الأجيال التي أتت بعد ذلك فهي ملغاة ومقصاة تماماً).
ومرة أخرى أقول إن هذا واقع الحال ولكل مثقفي المغرب العربي الكثير من الحق في اللوم والعتاب بل الغضب أحيانا, غير أن هناك أسباباً موضوعية, ساهمت في وجود هذا الواقع, يأتي في مقدمتها أن مؤسسات النشر في بلدان المغرب العربي تتحمل قدراً من مسئولية التقصير في التواصل بين بلدان المشرق والمغرب, فالقارئ في السعودية أو الكويت أو دمشق أو عمان أو اليمن… مثلاً لا يملك أن يحصل على الكتاب أو الدورية أو المجلة الصادرة في بلدان المغرب إذ لا أحد يوصل له هذا الإنتاج. ربما نجد لمؤسسات النشر المغاربية بعض العذر في عدم وصول الكتاب إلى المشرق نتيجة لارتفاع تكلفة الشحن ومشاكل المواصلات عموماً ـ كما أشرت في بداية الحديث ـ لكن علينا أن نواجه مشاكلنا بواقعية ونعالجها بالإصرار الدائم على إزالة العوائق التي تحول دون التواصل الثقافي والفكري بين المنطقتين, فالحديث عن المركزية لا تعاني منه بلدان المغرب وحدها, بل يشاركها الشكوى كذلك مثقفو بلدان دول الخليج وربما بعض الدول العربية الأخرى. فنحن في الخليج والجزيرة نشكو أيضاً من بعض التجاهل والإهمال من قبل المثقفين في دول عربية أخرى تجاه نتاج كتاب ومثقفي دولنا, وكثير من أجيالنا الشابة المبدعة تصاب بخيبات أمل عندما تكتشف أن إنتاجها لم يُقرأ من قبل من يتصدرون الحركة الثقافية المشرقية وخاصة من يتصدر منهم الحركة النقدية الأدبية والفنية. فالإهمال ليس مشرقياً تجاه المغرب وحده إذن, إنما هي حالة مشتركة تتطلب من الجميع العمل الجاد لمعالجتها وتكثيف وسائل التواصل والاتصال من خلال المشاركة الواسعة في معارض الكتب العربية ومعارض الفنون التشكيلية والمساهمة في الندوات واللقاءات على غرار اللقاء الأخير الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة حول الرواية والقصة في كل من المغرب ومصر, وجمع نخبة من الروائيين والنقاد في كلا البلدين, وهذه مهمة الجميع ـ كما أراها ـ ولا ينتظر المثقفون العرب يداً سحرية تحل هذا الانقطاع بلمسة منها, إنما هو جهد مطلوب التخطيط له والعمل على تنفيذه ضمن قنوات واضحة ومحددة, والاستفادة من كل ما هو متوافر من قنوات الاتصال الحديثة في تضييق الهوة وتقريب الأفكار, فالثقافة العربية إطار واسع يحمل في طياته الكثير من وجهات النظر والتمايز والتنافس ضمن هدف نسعى إليه جميعاً, هو اللحاق بالعصر الحديث واختصار مراحل التخلف التي لانزال نعاني منها الكثير.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*