في الثقافة العربية..المستجدات والتحديات

بإمكان المتأمل للمشهد الثقافي العربي الراهن، أن يلاحظ عددا من الظواهر الجديدة التي وسمت هذا المشهد نتيجة لمتغيرات عديدة طالت الكثير من المجتمعات العربية، وبسبب مستجدات وظروف إقليمية وعالمية. ومع دخول الثقافة العربية العصر الرقمي وما واكبه من انفجار معلوماتي، أصبح من الضروري تأمل المستجدات الجديدة، وما تفرضه من تحديات، والبحث عن سبل التعامل معها على الوجه الأمثل، وتحديث خطط الثقافة العربية بما يتواكب واستيعاب هذه المستجدات، وما أفرزته من تحديات، برؤى مستقبلية متخلصة من إرث الريبة والذهنية المتشككة التي لا تعبر إلا عن الضعف والانكفاء على الذات، بدلا من روح المبادرة والتحدي التي أصبحت ضرورة للحاق بالنهضة العالمية التي تشهدها ثقافات عديدة، ليس في الغرب فقط، بل وفي دول كانت توصف حتى سنوات قليلة بأنها «نامية».

  • غياب ثقافة التعددية هو المسئول عن ظواهر التطرف والعنف وشيوع الأصوليات
  • يجب على الوسائط العلمية العربية أن تتحمل دورها في إشاعة العلوم وتشجيع الإقبال عليها

وإذا ما حاولنا رصد بعض أهم مظاهر المستجدات على المشهد الثقافي العربي العام اليوم فيمكننا التوقف عند عدد من الظواهر والمؤشرات، من بينها الوحدة والتنوع التي تتعلق بقضية التعددية الثقافية والأقليات في ضوء حالة من تنامي ظاهرة النعرات الطائفية في أكثر من بلد عربي، بصورة لافتة وفي وقت متزامن تقريبا، وهو ما يقتضي العمل على انتشار مبادئ التعددية الثقافية، بديلا للرؤية الأحادية أو الفكرة الوحيدة. فقد كشفت هذه النعرات عن غياب ثقافة التعددية، وما يستتبعها من أفكار متعلقة بقبول الآخر، وضرورة التعرف على أفكاره ومناقشتها بدلا من تجاهلها أو نفيها بالمنع والمصادرة مرة، وبالعداء مع أصحابها إلى حد الاقتتال مرات، وهي واحدة من شواهد غياب ثقافة الحوار.

وهي أيضا إفراز طبيعي لما شهدته المنطقة العربية، وأطراف من العالم، على مدى العقدين الأخيرين من ظواهر التطرف والعنف وشيوع الأصوليات ذات المرجعيات الدينية، وما أسهم به هذا من توسيع الفجوة بين العالمين العربي والغربي، وتشكيل العديد من المغالطات الفكرية حول الإسلام، وممارسته.

وهي ظاهرة تزامنت مع شيوع الأمية الأبجدية والثقافية، وتغليب للخرافة على حساب الأفكار العلمية والمستنيرة، وغيرها من الظواهر التي أسهمت، ولاتزال، في تردي أحوال المناخ الثقافي العربي، وهو ما أسهم في استمرار إشاعة مناخ التسلط والمنع والرقابة وتقييد الحريات في العالم العربي، بسبب ضعف تأثير الخطاب الثقافي الذي من شأنه زيادة الوعي وما يستتبعه من إشاعة حالة من النقد المستنير.

لذلك فإن التخطيط الثقافي في العالم العربي مطالب بوضع برامج أساسية تهتم بكشف حقيقة الفكر الرجعي المتخلف، وعلاقته بالسياسة، وإشاعة الفكر المستنير الذي يقدم للشباب العربي الحقائق عبر أطر معرفية منهجية تعتمد على مرجعيات عدة دون التقيد بمصدر واحد، كما هو شأن كل محاولة منهجية للمعرفة. فضلا عن توفير المصادر الثقافية والمعرفية، وإتاحتها بالنشر الواسع والبث، للتأكيد على أهمية التنوع الثقافي الخلاق في مسيرة المعرفة البشرية نحو المستقبل، وعلى دور هذا التنوع الثقافي في القضاء على الهيمنة أحادية القطب أيا كانت.

حرية المعرفة والتعبير

هذا كله مرهون، في الواقع، بقضية الحريات، وعلاقتها بحرية المعرفة والتعبير، لأنها جوهر كل إبداع خلاق والعصب الأساس للتنوع الإبداعي، وجوهر توفير المعرفة وما يستتبع ذلك من بناء عقل نقدي قادر على الفرز والتقييم لكل ما يتلقاه من أفكار ومعارف، بناء على منهج عقلي متطور، يرفض كل وسائل التلقين.

ومن تلك الظواهر أيضا قضية العولمة وما تثيره من جدل بين فريقين يرى أولهما فيها لونا من ألوان الغزو الثقافي، ومحاولة لتنميط الثقافات وفقا لنموذج واحد مبتدع في الغرب، وفريق آخر يراها وسيلة للانفتاح على الثقافات الأخرى في العالم والاستفادة منها في مسيرة التحديث والنهضة. ولعل ظاهرة العولمة وما تثيره من جدل ترتبط بظاهرة القطب الواحد الذي تجسده الولايات المتحدة في الوقت الراهن.

لكنها من جهة أخرى تثير التساؤل عن مدى صحة الفرض القائل بأنها ليست سوى مخطط غربي يبتغي القضاء على ثقافات العالم، وخصوصيتها، وأن هذه المواجهة تقتضي الحفاظ على خصوصية الثقافة المحلية، والانكفاء على الذات، وأيضا، رفض الوسائل الغربية كافة، باعتبارها عناصر من أدوات العولمة في مخططها للقضاء على ثقافتنا العربية.

والحقيقة أن هذه الفرضية تحتاج إلى وقفة متأملة، خاصة في إطار النهضة الثقافية والصناعية والعلمية التي حققتها دول مثل اليابان والصين، بل وعدد آخر من دول آسيا الناهضة مثل كوريا وماليزيا وغيرها من دول شرق آسيا.

فتلك الدول أقامت نهضتها، بالاستعانة بالمنجز الغربي، التقني والمعرفي والعلمي، بوصفه منجزا إنسانيا في المقام الأول، وحافظت في الوقت نفسه على تراثها الثقافي والحضاري، بل وطورته، وقدمته للعالم في شكل وسائط أدبية وفنية عديدة استطاعت به أن تعلن للعالم الغربي عن عناصر حضارتها وثقافتها وتاريخها، بعيدا عن شبهة الصراع والصدام، كما هو شأن المنجز الثقافي الحقيقي على امتداد تاريخه.

وهذا ما يراه الباحث والكاتب عبدالله تركماني في إشارة لهذه المسألة يقول فيها: «في زمن العولمة، لعلَّ أهم ما يستدعي الانتباه والقلق هو منحى التفكير العربي الذي ينزع إلى تجريد ظاهرة العولمة من سياقها التاريخي والموضوعـي، وتصويرها على أنها امتداد للسياسة الامبريالية، أو أنها نتاج مؤامرة خارجية على شعوب بلدان عالم الجنوب، بما فيها الشعوب العربية. إنّ العولمة هي نتاج التقدم العلمي والتكنولوجي الجاري منذ عقود، أي أنها ظاهرة موضوعية كونية شاملة لا يمكن ردّها وإبطالها برغبة ذاتية، إنما المطلوب هو إجراء التكيّف الإيجابي اللازم للتعاطي مع آلياتها، بما يكفل دفع عملية التقدم الإنساني إلى الأمام وتقليص الأخطار الناجمة عنها، ولا سيما إزاء التفاوت في التقدم بين المناطق المتأخرة والمتقدمة في العالم، والبحث عن وسائل وإمكانات توسيع الفرص الطيبة التي تتيحها هذه الظاهرة لخير البشرية وازدهارها، بعيدا عن استغلال العالم المتقدم والشركات المتعدية الجنسية لعالم الجنوب والإضرار بمصالح شعوبه وثقافاتها ومكاسبها الوطنية.

إنّ الخطاب العربي مُبهَمٌ حول الظاهرة، تتحكم فيه معطيات ظرفية، وعوامل ضاغطة – صدمة المستقبل – وبالتالي، فهو يشكو من التناقض، معلنا في أحسن الأحوال أنّ العولمة الاقتصادية قضاء وقدر لا مفرَّ منها، ولكن بشرط المحافظة على هويتنا وخصوصياتنا الحضارية. وحين تسأل عن سمات هذه الهوية ومَنْ يحددها وكيف يمكن المحافظة على الخصوصية ضمن حضارة الصورة التي تكتسح عقر بيوتنا دون استئذان، فإنك لا تحظى بجواب عقلاني واضح».

وبالإضافة لهذه الرؤية التي تضع يدها على مكمن الداء في الذهنية العربية في تعاطيها مع قضية العولمة يمكن القول أيضا، وعبر شواهد النمو الآسيوي إن تلك الدول الآسيوية تفهمت ووعت جيدا المعنى الحقيقي لفكرة العولمة بوصفها الآن نوعا من تضفير عناصر مختلفة من النشاط الإنساني، تطعم ببعضها البعض.

ويمكن تأمل ذلك من خلال المنجزات العلمية الحديثة، فعند الإعلان عن أي ظاهرة علمية جديدة، أو كشف علمي، عادة ما يتم الإعلان عن تتابع وتوالي جهود فرق علمية عديدة من أوربا وأمريكا ودول آسيا الكبرى، تأكيدا على أن ما تم تحقيقه هو حصيلة جهود متضافرة من أرجاء واسعة من العالم، كل قد قدم فيها إسهامه الخاص، في جزئية بعينها، ومن خلاصة ما توصل إليه كل فريق يتم التوصل للمنجز النهائي في صيغة كشف علمي جديد.

هذه الملاحظة تكشف أن تعامل الذهنية العربية مع العولمة ينطلق من داء قديم يحيل السلبيات لأسباب خارجية فقط، من دون محاولة القيام بعمليات النقد الذاتي وتقييم الذات بموضوعية، على عكس ذهنية الدول النامية الجديدة التي قيمت نفسها موضوعيا، وتعرفت على مناطق قوتها لتكون انطلاقة للمبادرة في الدخول إلى العصر الجديد بمنطق الندية، كما راجعت السلبيات وتعاملت معها برغبة حقيقية في العلاج والمواجهة.

متى ندخل عصر العلم؟

لعل هذا ما يؤكد أن دخول العرب عصر العلم أصبح ضرورة لا غنى عنها، بسبب التطورات المذهلة في هذا المنجز من جهة، وبسبب ارتباط العالم بعضه ببعض الآن معرفيا في إطار ظاهرة الانفجار المعرفي، عبر وسائل الاتصال الحديثة والفضائيات وشبكة الإنترنت.

لذلك ينبغي أن تتحمل الوسائط الإعلامية العربية دورها في إشاعة العلوم، والاهتمام بتشجيع الإقبال عليها، من جهة، وتضافر جهود المراكز البحثية والعلمية العربية في هذا الاتجاه من جهة أخرى، على أن يتم الاهتمام بتشجيع دراستها والإقبال عليها عبر توفير المراكز العلمية اللائقة في الدول العربية، والبحث عن سبل تمويلها بالشكل الذي يجعل منها مراكز قابلة لملاحقة الانجاز العلمي العالمي واستقطاب الكفاءات العلمية العالمية، جنبا إلى جنب مع توفير سبل الابتعاث العلمي للكفاءات العلمية العربية الشابة، إلا أن توفير المراكز العلمية المتطورة سيخلق مناخا جاذبا لتلك الكفاءات للعودة والعمل على تطوير أبحاثهم في بيئتهم العربية مما سيعود بالفائدة على المجتمع من جانب وعلى المناخ العلمي العربي من جانب آخر.

وأرى أن هذه المرحلة لا بد أن تشهد، كذلك، تضافر البحث العلمي مع الثقافة، بحيث تسهم الأبحاث العلمية المتخصصة في تطوير الثقافة، وهو ما سيؤدي، بداية، إلى توفير الدراسات الخاصة بالانتاج الإبداعي، وسلوكيات المستهلكين أو المتلقين، حيث تعاني المجتمعات العربية إجمالا من الفقر الشديد في هذه الدراسات، والتي ينبغي أن تعتمد عليها كل خطط الإنتاج والتخطيط الثقافي.

كما أن تضافر البحث العلمي مع الثقافة قد أصبح ضروريا في ضوء ظهور العديد من الوسائط التقنية الجديدة التي تستخدم في الثقافة وفي الإنتاج الإبداعي والفني، وفي شكل المنتج الفني.

ومن بين المستجدات أيضا شيوع الفضائيات العربية، وما أفرزته من ظواهر جديدة على الثقافة العربية، وبينها محاولة إشاعة ثقافة الحوار عبر صرعة البرامج الحوارية المذاعة على الهواء مباشرة، إلا أن غياب ثقافة الحوار لعقود عديدة، وما رافقه من مناخات رقابية، أو معوقة لحرية التعبير جعل تلك البرامج تميل للجدلية والاستقطاب على حساب الحوار الموضوعي المتوازن بمفهومه الحقيقي كعرض لآراء طرفين أو أكثر ومبادلة الحجة بالحجة والتي تعبر في النهاية عن رغبة حقيقية في الفهم المشترك.

كما أدى تنامي عدد القنوات الفضائية العربية إلى كثافة شيوع البرامج الترفيهية الخفيفة التي يفتقر أغلبها إلى الحد الأدنى من مقومات الرسالة الإعلامية، لخلوها من أي رسالة متضمنة في ثناياها، بحيث إنها أصبحت تنتمي للعب خالص على حساب البرامج الجادة والمعرفية والمعلوماتية، وهو ما يندرج في أزمة الإعلام السطحي الذي تسبب، وما زال، في تغييب العقل العربي في الوقت الذي يحتاج فيه المشاهد أو المتلقي العربي إلى الكثير من الجهد لاستعادة وعيه المغيب لأسباب عديدة: سياسية وتاريخية واجتماعية ورقابية وتعليمية.

ومن الظواهر الجديدة أيضا قضية اللغة العربية التي يمكن ملاحظة ما تتعرض له في أغلب الفضائيات العربية، والصحف، من تسطيح وتشويه سواء بانتهاج لغة وسيطة تعتمد على اللهجات العامية تطعم بها اللغة الفصحى الرصينة، أو باعتماد بعض تلك الوسائط على اللهجة العامية بالكامل، مع إغفال تام لإمكانية اعتماد لغة إعلامية أو صحفية فصيحة تعتمد على إبراز جماليات اللغة العربية وترسيخها في عقل وثقافة المواطن العربي.

ومن البديهي، بطبيعة الحال، الإشارة إلى أن هناك منابر أخرى تبذل جهدا في الحفاظ على اللغة لكنها الاستثناء لا القاعدة، وأغلبها هي القنوات الفضائية ذات الطابع الإخباري.

كيف يمكن تبسيط اللغة؟

يأتي ذلك في غياب أي جهد متخصص لتبسيط اللغة، ودعم إنتاج المعاجم العربية؛ الضرورية لأي لغة في العالم وسرعة مواكبة هذه المعاجم لاستيعاب ما يستجد من مصطلحات أو كلمات يشيع استخدامها، وفرزها وإضافة ما يصلح منها في إطار منهج لتطوير استخدام اللغة، وهو أمر شائع في العديد من اللغات الحية التي ترى أن جزءا أساسيا من ضمان استمرار اللغة وحيويتها مواكبتها للعصر، وتطورها وإضافة المفردات والتراكيب اللغوية الجديدة، أولا فأولا. وهو ما يفسر أسباب إصدار المعاجم المنقحة عاما بعد آخر، حيث يتم تزويدها دوريا بالكلمات والمصطلحات التي تفترضها متغيرات اجتماعية أو ظواهر اقتصادية جديدة أو قضايا علمية واكتشافات في حقول المعرفة المختلفة.

فاللغة هي مستودع التراث وديوان الأدب ومجال الأفكار والعواطف. والفرد يندمج في المجتمع عبر اللغة، وعبرها وحدها يتلقى تراث أمته الفكري والوجداني والأخلاقي والديني والاجتماعي والسياسي. وبهذا يصبح للغة الدور الأبرز في الدفاع عن الذات، والوجود، من خلال تجسيد الهوية، وإبراز ملامحها أمام الآخر.

والحقيقة أنه ما من حضارة إنسانية إلا وصاحبتها نهضة لغوية، وما من صراع بشري إلا ويبطن في أعماقه صراعا لغويا، حتى قيل إنه يمكن كتابة تاريخ الصراعات البشرية على أساس صراعاتها اللغوية.

في السياق نفسه سنجد امتدادا للظاهرة تكشفه المدونات الشخصية العربية على الإنترنت (بلوجز)، التي تميل غالبيتها لتعريض اللغة العربية الفصحى إلى نوع من التغييب أو الإقصاء، لمصلحة العاميات واللهجات الدارجة المطعمة بما يستخدمه الشباب العربي الآن من مصطلحات وكلمات تعد من وسائط التواصل في ما بينهم، أو التدوين باللغات اللاتينية بالكامل، خاصة الإنجليزية والفرنسية. وهي ظاهرة تستحق الكثير من التأمل والبحث في مدلولاتها، وعلاقتها برسالة تعليم اللغة العربية في المناهج التعليمية العربية الآن من جهة، وفي مؤشراتها الدالة على مستقبل اللغة العربية من جهة أخرى، وما قد يستلزمه ذلك من ضرورة البحث عن لغة وسيطة يمكن استخدامها في الوسائط الإعلامية بشكل عام.

هذه الظاهرة إذا ما تعرضت للدراسة والبحث فإنها قد تفسر أيضا الكثير من الإيجابيات والسلبيات التي يتسم بها مجتمع الشباب العربي، ومحاولة فهم سلوكياته، وبالتالي الإسهام في التخطيط الثقافي في ما يتعلق بالشباب بصورة موضوعية وواقعية وبما يضمن التفاعل مع جيل كامل يتشكل، ويتفاعل، ويقرر اختياراته ويدرك معنى هويته، ويمثل العصب الأساسي لمستقبل الأمة العربية بكل روافدها، وليس الجانب الثقافي فقط.

هذه بعض مظاهر المستجدات التي طرأت على المشهد الثقافي العربي، وهي جميعا، تؤكد ارتباطها بإثارة عدد من التحديات، بسبب الثغرات التي ترتبط بتلك المستجدات أو الظواهر. وهناك بالتأكيد قضايا وشواهد أخرى عديدة تحتاج أيضا إلى التأمل والبحث من مثل علاقات الإنتاج وشروطها في حقل الإنتاج الثقافي، والمنتج الثقافي وآليات تسويقه في ظل شروط العولمة وما يرتبط بها من حقوق الملكية، وتسويق المعرفة، وغيرها.

لكن المؤكد هو أن الثقافة، في أول الأمر وآخره، لها دور جوهري في علاج العديد من الأزمات التي يواجهها العالم العربي، بشرط ان يتم استيعابها بمعناها الأشمل، وبحيث تتضافر الأفكار التي ينتجها المثقفون في العالم العربي، انطلاقا من يقين أنه لا توجد نظرية وحيدة قادرة على استيعاب أي أزمة، أو حتى على فهم العالم بكل تعقيداته.

إن تحديث خطط الثقافة العربية مرهون ببذل جهد المثقفين العرب كافة للإسهام في بلورتها، ومناقشتها، ووضع الأطر الواقعية لتحقيقها، وتأكيد دورها في ترسيخ قيم الاستنارة كمكون أساسي للذهنية العربية، فهذا هو ما تعول عليه المجتمعات العربية جميعا في تطلعها للنهضة الشاملة التي لا بد وأن تسهم الثقافة في تسريع إيقاعها، وفي انتقالها من حيز الخيال والأماني إلى مساحة الواقع والحقائق.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*