… ويقين الإنسان عزازيل

  • هذا المشهد الدموي العنيف في «عزازيل» بإمكانه أن يستدعي أحداثاً معاصرة مثيلة عديدة لعلنا مازلنا نتذكر ونرى الكثير منها وبينها شواهد عديدة منها على سبيل المثال واقعة تعرض الروائي نجيب محفوظ للطعن بسكين بيد فتى لم يقرأ حرفاً للرجل
  • نرى الآن أصحاب الفتاوى ورجال دين الفضائيات ممن يستثمرون الدين في التكسب وقد اكتسبوا لوناً من القداسة، يتحصنون بها ويستخدمون الإعلام من أجل إضفاء هالة من النجومية عليهم وهو ما يرسخ صورتهم المقدسة، كالأبطال والنجوم
  • الثابت أن الأغلبية العظمى ممن تم استخدامهم لتنفيذ عمليات القتل والتدمير وتفجير أنفسهم لم يقرأوا شيئا فأغلبهم جُهّال.. إما يستأجرون أو تغسل عقولهم الصغيرة لتنفيذ أهداف المخططين والمدبرين لتلك العمليات الإرهابية الدموية

          من الظواهرالثقافية اللافتة في مجتمعاتنا العربية اليوم كثرة خروج بعض الفضائيات علينا ببرامج مخصصة للإفتاء الديني، أو الإعلان للحصول على فتوى أو تفسير أحلام دينية بمقابل مالي، ممثلاً في اتصالات تلفونية على أرقام هاتفية، ويتم نشرها في قنوات عديدة، وهي واحدة من ظواهر كثيرة أخرى تتشابه في كونها تمثل لونا من ألوان التجارة الدينية المعاصرة، وتفتح بابا لأسئلة كثيرة في موضوع التربح بالدين واستخدامه أداة للثروة، والشهرة، وليس لأهداف دينية نبيلة كما هو المفترض أو المعلن عنه ظاهريا، واستغلالا لعواطف العامة من الناس البسطاء التي يمكن تجييشها بسهولة، ليس في شأن الفتاوى فقط، إنما في موضوعات ترفع شعارات الدين ظاهريا، وخلفها أغراض سياسية ومالية، ولأغراض تثبيت النفوذ وتحقيق بعض السلطة بامتلاك شعبية جماهيرية.

 

تداعت هذه الظواهر، المتاجرة بالدين، إلى ذهني وأنا أقرأ في رواية «عزازيل» للكاتب يوسف زيدان، التي أثارت العديد من التساؤلات الخاصة بتاريخ استخدام الأديان والمقدسات في  السياسة في مراحل التاريخ البشري.

ففي أحد مشاهد الرواية مشهد دموي تتعرض فيه هيباتيا (ولدت في الإسكندرية حوالي عام 380 واغتيلت في مارس 415. وكانت عالمة مرموقة  في الرياضيات والمنطق والفلك)، للقتل على يد بعض الغوغاء من المتشددين المسيحيين، حيث تم قطع طريق عربتها وهي في طريقها إلى منزلها وألقوها أرضا، حيث عُذّبت وسُحِلَت وقُتلت بوحشية بالرغم من طلبها للرحمة.

لقد مارس الغوغاء من أتباع رجال الدين المتنفذين، في هذا المشهد الروائي المعبّر، ألوانا وحشية من الحقد والتنكيل التي سبقت قتلهم لإنسانة حرقا وهي حية، أيا كان الخلاف معها، بل وعالمة مرموقة، بتحريض من سلطة دينية كانت ترى في التفكير العقلي والعلم خطرا عليها وعلى سلطتها على الناس، دون أن يعلم، أي من هؤلاء الذين تدافعوا لقتلها وتمزيقها ثم حرقها، شيئا من علمها أو طبيعة الأفكار التي كانت تنشرها.

تاريخ الأصولية يعيد نفسه

إن الكاتب هنا، قد استعاد ذلك التاريخ البعيد بمشاهده الأصولية الدموية، ليذكرنا بأن التاريخ يعيد نفسه، بشكل أو بآخر، كأنه يضع يديه ويشير إلى شواهد التاريخ التي نرى آثارها الممتدة حتى يومنا هذا في تاريخنا المعاصر.

فهذا المشهد الدموي العنيف، بإمكانه أن يستدعي أحداثاً معاصرة مثيلة عديدة لعلنا مازلنا نتذكر ونرى الكثير منها، وبينها شواهد عديدة منها على سبيل المثال واقعة تعرض الروائي نجيب محفوظ للطعن بسكين بيد فتى لم يقرأ حرفا للرجل، أو لغيره، وإنما قيل له إن الرجل كافر، فشجعه ذلك على أن يحاول قتله، وقبله نجحت عملية قتل الكاتب المصري فرج فودة الذي أصدرت زعامات دينية متطرفة فتوى بقتله فقتل! وكذلك العديد من مشاهد الدماء والقتل التي حرضت عليها جماعات متطرفة دينيا على امتداد العالمين العربي والإسلامي، في أرجاء مختلفة من العالم، وراح ضحيتها آلاف من أرواح المسلمين وغير المسلمين الأبرياء، لدعاوى مشابهة، وهو ما كانت له تجليات أخرى في العديد مما قامت به مجموعات مسلحة محسوبة على تيارات دينية متشددة على امتداد العالمين العربي والإسلامي. والثابت أن الأغلبية العظمى ممن تم استخدامهم لتنفيذ عمليات القتل والتدمير، وتفجير أنفسهم، لم يقرأوا شيئا، فأغلبهم جُهّال، إما يستأجرون، أو تغسل عقولهم الصغيرة لتنفيذ أهداف المخططين والمدبرين لتلك العمليات الإرهابية الدموية.

كما يذكرنا المشهد الدموي ذاته بما اقترفته جماعة طالبان في أفغانستان من قتل وترويع، بل وتدمير الشواهد الثقافية العالمية، حين أقبلت على هدم تمثالين من أهم المعالم التاريخية في أفغانستان بدعوى أن الإسلام حرم الفنون!

وأرى أن الكاتب يوسف زيدان في تتبعه لهذه الواقعة التاريخية وغيرها مما حفلت به الرواية من أحداث، لم يكن المقصود منه تتبع تاريخ الكنيسة القبطية في مصر، بقدر ما قصد منه تمثيل فكرة التشدد الديني، والعنف الذي اقترفته جماعات بشرية تجاه بعضها بعضا باسم الدين، وبعيدا عن الأفكار والقيم الإنسانية التي جاء بها الرسل وكتبهم السماوية، والإشارة لكونها ظاهرة تاريخية لم تقتصر على دين بعينه أو طائفة في حد ذاتها.

من يمتلك الحقيقة؟

إن هذه الوقائع وغيرها تثير موضوعا غاية في الأهمية وهو موضوع امتلاك الحقيقة، ومن الذي يمتلك القدرة على تصور أنه يمتلك الحقيقة وحده دون غيره من البشر. فأبو العلاء المعري يرى:

«أما اليقين فلا يقين وإنما….
                              اقصى اجتهادي أن أظن وأحدسا».

خطر على ذهني هذا البيت لأبي العلاء وأنا أرى طبيعة التقلبات الروحية والفكرية التي يمر بها بطل رواية عزازيل «هيبا»، الراهب الذي كان يواصل رحلة روحية من صعيد مصر ومنها إلى الإسكندرية ثم الشام، باحثا عن حقيقة الوجود عبر الدين، غايته الرهبنة والتبتل، وأمنيته أن يتعلم على كبار الكهنة، لكنه سرعان ما يصدم بواقعه الانساني ويقع في أسر إغواء امرأة ظهرت له بينما يسبح على الشاطئ، لتنقلب حياته رأسا على عقب، إذ إنها بعد أن تغرم به وتدخل به عالم المتعة بعيدا عن الرهبنة إذا بها تنقلب عليه، حين تفشل في إبعاده عن همه الديني المخالف  لمعتقداتها، ثم تتعرض هي لاحقا للقتل، وهي تحاول منع الغوغاء من قتل «هيباتيا» في تلك الموقعة الدموية التي تعرضت لها الأخيرة، ويعود ليتمنى أن يفقد شهوته الجنسية للأبد حتى يواصل طريقه في التعبد واللاهوت، لكن كثيرا ما تمر بعقله أسئلة عديدة تبدو منطلقة من منطق الشك أكثر من كونها دليلا على اليقين.

وتقدم الرواية في مواضع عديدة منها أمثلة من نماذج الفكر والفلسفة وقضايا اللاهوت، ومعنى الخير والشر وجوهرهما، عبر ما يتداعى على ذهن بطل الرواية، أو حواراته في مراحل مختلفة من حياته مع الرهبان والقساوسة ورجال الدين المسيحي، مقدما نماذج لأصحاب الفكر الديني، ممن يتسامحون مع العقل والمنطق وحرية التفكير، الذي يعتبر من جوهر الدين، ونماذج من المتشددين ضيقي الأفق والمتعصبين، الذين إما يفتقرون للمعرفة العميقة، أو يعرفون لكنهم يغلقون الباب على التفكير الحر لغرض في أنفسهم، وهو عادة ما يكون من أجل تحقيق السلطة والثروة أو النفوذ، ضاربين بعرض الحائط كل القيم العظيمة التي جاءت بها الأديان السماوية.

إن هذا اليقين الذي يدعي البعض امتلاكه، كما تشير الرواية، أدى إلى تأسيس سلطة رجال الدين، ولا يبدو الدافع الحقيقي منها دينيا وروحيا، بقدر ما يبدو دافعا لامتلاك السلطة، بالسيطرة والتسلط على عقول الجمهور للوصول إلى ما يحقق زيادة نفوذ هذه السلطة، والتي عادة ما يكون الهدف منها سلطة دنيوية خالصة، سلطة سياسية وليست دينية، سلطة تتحالف مع الحاكم الإمبراطور ضد مخالفيها من دينها وعقيدتها.

سماحة الأنبياء

وقد تناولت الرواية هذه المسألة في أكثر من موقف، وكان أكثر ما استوقفني فيها هو ذلك المشهد الذي برع فيه الكاتب في اختزال الفكرة العميقة لتحول الدين إلى تجارة وسلطة، حين يقول الراوي الراهب هيبا: «نظرت إلى الثوب الممزق في تمثال يسوع ثم إلى الرداء الموشَّى للأسقف! ملابس يسوع أسمال بالية ممزقة على صدره ومعظم أعضائه، وملابس الأسقف محلاة بخيوط ذهبية تغطيه كله، وبالكاد تظهر وجهه. يد يسوع فارغة من حطام دنيانا، وفي يد الأسقف صولجان أظنه، من شّدة بريقه، مصنوع من الذهب الخالص. فوق رأس يسوع أشواك تاج الآلام، وعلى رأس الأسقف تاج الأسقفية الذهبي البراق. بدا لي يسوع مستسلما وهو يقبل تضحيته بنفسه على صليب الفداء، وبدا لي كيرلس مقبلا على الإمساك بأطراف السماوات والأرض».

هذا هو جوهر المسألة، الرسل والأنبياء جاءوا للناس لإنقاذهم من الطغيان والتسلط، ونشر الأخوة بين البشر وتعليمهم التسامح وكيفية التعايش والتعاون والمحبة، ولم تختص ديانة سماوية بقيمة من قيم الدين لا تجدها في بقية الأديان.

ويمكن أن نجد العديد من الدلالات التي تبدو في الرواية كأنها تختص فقط بالمسيحية، بينما هي تنطبق على الإسلام أيضا وجميع الأديان. وبينها مثلا إشارة الراوي لزيارته إلى أورشليم، حيث يقول أحد الرهبان له: «يا ولدي، لا تدخل أورشليم فور وصولك أرض فلسطين، لاتدخل إليها إلاّ إذا استعدّ قلبك للحجّ، وتهيّأت روحك. فما الحج إلا رحلة تهيئة، وما السفر إلا إسفار عن الأمر المقدس المكنون بجوهر الروح».

وربما في هذه الفقرة ما يشير إلى تقارب الديانات في فلسفة الحجّ رغم اختلاف الوجهة المكانية وطقوسهما في كلتا الحالتين.

لكن هذا السمو الروحي في الأديان لا نجده في تاريخ استخدام الدين في السياسة والسلطة. ولعلنا نجد في تلك المشروعات التجارية التي تأخذ من الفتاوى الفضائية والهاتفية وسيلة للتربح، دليلا دامغا على ما يحاول البعض أن يحققه من ثروة أو سلطة أو نجومية في الفضائيات، لأن منطق الإفتاء الآن هو موقف يبدو فقهيا، بينما هو موقف سلطوي، ينبني على اتجاه واحد من تاجر الدين إلى الفرد، لا يحق للفرد أن يراجع ما يفتي به رجل الدين، وهذا ما يناقض روح وجوهر الدين الحقيقي.

إن المراحل التي عرفت فيها الدولة الإسلامية بقوتها سياسيا واقتصاديا وإبداعيا ومعرفيا، اتسمت فيها السلطة الدينية بالتسامح، وبمفهوم الحوار، وبحق الفرد في التحاور ومراجعة الفقيه فيما يقول لو لم يكن منطقه مقنعا لصاحب السؤال، على اعتبار أن الفقيه في النهاية ليس سوى بشر، يجتهد، قد يصيب وقد يخطئ، لكنه لا يمتلك الحقيقة الوحيدة المطلقة أو الصواب، وإنما يفتي بما يعتقد أنه الصواب.

رجل الدين منصب لم يعرفه الإسلام

وخلال تقلبات السياسة وتداول الدول تراجعت قيم الدين، وسادت سلطة رجل الدين، وهو المنصب الذي لم يعرفه الإسلام في تاريخه المشرق، لا في العصر النبوي ولا في عصور خلفائه، إنما أنشئ هذا المنصب (رجل الدين) عندما تسلط الحكام على المحكومين فاحتاجوا إلى الكهنة لترويض الناس لسلطانهم.

وأصبح رجل الدين رجلا لا يأتيه الباطل، وأنه صاحب الحق والحقيقة، لا تجوز مراجعته أو مخالفته، وهو لا يتسامح مع من يختلف مع رأيه، ويبادر بتكفيره، وإذا تسامح فإن دلالات هذا التسامح لا تتجاوز أنه سيوقف الأذى عمن يخالفه الرأي.

وهناك شواهد عديدة لهذا النموذج الجديد لسلطة رجل الدين في عالمنا المعاصر ممن عرفوا بشيوخ التكفير، الذين لم نسمع أنهم يهتمون إلا بتكفير الأفراد من الكتاب والمثقفين والفنانين كأنهم هم فقط ملاك الحقيقة ومفاتيح الدين والغفران، لايحاورون ويجادلون من يختلف معهم في الفهم والتفسير والاجتهاد لكنهم يستخدمون سلطة الحاكم ويده يضربون بها مخالفيهم ويزيحونهم عن طريقهم بالعنف.

وقامت على أكتاف هؤلاء دول وحكومات تجاوزت في تسلطها أعتى النظم والحكام الذين أسقطوا عن عروشهم باسم الدين نفسه!

لذا نرى  الآن أصحاب الفتاوى، ورجال دين الفضائيات ممن يستثمرون الدين في التكسب، وقد اكتسبوا لونا من القداسة، يتحصنون بها، ويستخدمون الإعلام من أجل إضفاء هالة من النجومية عليهم، وهو ما يرسخ صورتهم المقدسة، كالأبطال والنجوم.

ولم يكن الدين الإسلامي يوما مناصرا لصور التقديس التي نراها اليوم، فالرسالات السماوية لم تأت للبشر لكي تخلق رموزا مقدسة، ولم يكن الأنبياء إلا بشراً، مثلهم مثل غيرهم، وإلا لما أرسلوا للناس لهدايتهم.

تقدم رواية «عزازيل» العديد من الأفكار المهمة حول مسألة المتاجرة بالأديان، واستخدام السياسة في الدين، ولو على أرضية وخلفية بعيدة نسبيا عن الدين الإسلامي، لكن الدلالة واضحة،  وما لجوء الكاتب إلى حقبة تاريخية من الصراع الديني المسيحي إلا إشارة إلى الصراع المعاصر في المجتمعات الإسلامية، ومدى سطوة رجال الدين في بعض المجتمعات الإسلامية اليوم، وقدرتهم على الاغتيال الفكري والمعنوي لكل من يخالفهم الرأي، ومصادرتهم حق الناس في اختيارهم طريقة عيشهم.

ولعله من البديهي الإشارة إلى أن هناك بالتأكيد – بجانب هذا التسلط والغلو –  الكثير من الرموز الإسلامية الإصلاحية الذين يحافظون على جوهر الدين، والبعد به عن كل ما هو مشبوه، وعن تلك المظاهر التي تسيء إليه، وتضر به أكثر كثيرا مما تضيف إليه، لكن هؤلاء الرموز أصبحوا قلة في عالم الفضائيات والشهرة والتكالب على النفوذ والسلطة بأي شكل، وعلى حساب أي قيمة.

وهؤلاء هم الذين ينبغي أن تفتح لهم أبواب التواصل الإعلامي مع الجمهور، جنبا إلى جنب مع البرامج التثقيفية الأخرى التي يمكنها أن تقدم خدمة حقيقية في تثقيف الجمهور والنأي به عن أن يكون مجرد تابع لا عقل له، معرض في أي لحظة للنزول إلى الشارع مع الغوغاء، يهتف بما لا يفقه، ويناصر ما يظن أنها قضيته بينما لا يعدو كونه وسيلة يستخدمها غيره من أصحاب المصالح والمنافع على اختلاف مشاربهم ومآربهم.

إن مثل هذه الغوغائية، الممتدة من باكستان مرورا بأفغانستان والعراق واليمن والصومال، وصولا إلى الجزائر والمغرب، قد أضرت بالعالم الإسلامي وأهدرت طاقاته بما يفوق القدرة على التصور، وهي التي أوقفت عجلة التقدم والتنمية في بلدان العالم الإسلامي، وأهدرت ثرواته، وأعاقت حركة التعليم والعلم، وأشاعت الجهل والجهالة في ربوع هذا العالم الواسع، وجعلت اليوم صورة المسلمين في أرجاء العالم مجرد مجموعات من الغوغاء الذين يملأون الشوارع صراخا، لا يجنون منه سوى تنفيس غضبهم وكبتهم، دون الوصول إلى أي هدف حقيقي. أو أنهم مجموعة من القتلة والدمويين الذين يبحثون عن ضحاياهم ممن يختلفون معهم مذهبيا أو فكرياً أو دينياً لكي يقتلوهم بدم بارد.

إن رواية «عزازيل» يجب ألا ننظر إليها كما تصورها البعض – على أنها طعن في تاريخ الكنيسة القبطية في مصر، فهي ليست كتاب تاريخ حتى تحاكم، لكنها رواية تشخص واقعا إنسانيا نعيشه اليوم كما عاشته البشرية في أزمان غابرة وأماكن مختلفة، وما هذا الإقبال الشديد على الرواية، والإعجاب الواسع بها من أوساط الناس كافة الذين أقبلوا على قراءتها – بدليل عدد مرات طباعتها الكثيرة في فترة زمنية قصيرة – إلا دليل على أنني قرأت فيها، كما قرأ فيها الآخرون، ما يثير الانتباه إلى ما يجري حولنا، وفي زماننا من أفكار وأحداث متشابهة، إن لم تكن متماثلة. وعلينا أن نعتبر مما جرى على غيرنا ونتدارك الامور قبل أن يفلت الزمام من اليد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*