ديمقراطية.. التخلف!

          أقيمت خلال الشهور الماضية انتخابات عامة ورئاسية في بلدان ومجتمعات تنتمي إلى منطقتنا التي يطلقون عليها «الشرق الأوسط»، بدلا من العرب أو المسلمين، حشد لها الإعلام ماكينته الضخمة بأدواته واختراعاته، وسلطها على شعوب تلك الدول يدعوهم للمشاركة وعدم التخلف عن الانتخابات، ومزاولة حقوقهم المشروعة في اختيار ممثليهم وحكامهم الذين سيتكفلون بإدارة شئون حياتهم، وينهضون بهم وينتشلونهم من ثلاثية «الجهل والفقر والمرض»، الضاربة أطنابها في جذورهم وعقولهم وأجسادهم.

  • إن ما نشاهده اليوم من تجارب انتخابية في منطقتنا يؤكد على حقيقة مشتركة بينها، هي أن من يدير ويشرف على تنفيذ تلك الانتخابات هي السلطة الماسكة بالقوة وأجهزة الدولة، وخاصة القوة العسكرية
  • إن الأشكال السياسية التي توصف بأنها ديمقراطية في عالمنا العربي لاعلاقة لها بجوهر الديمقراطية كفلسفة في ذهنية الأفراد والحكومات على حد سواء كما هو شأن الديمقراطية الغربية التي ننسخ اسمها فقط ونتجاهل مضمونها
  • إن التجربة الهندية ليست هينة فقد حولت المفهوم الديمقراطي إلى عقيدة وثقافة عامة لدى الفقير والغني على حد سواء، وأهم عوامل نجاحها بزوغها من الشعب وقياداته الحزبية الشعبية ولم تبدأ من السلطة العسكرية كما حدث في منطقتنا

إن البلدان التي أجريت فيها هذه الانتخابات الديمقراطية تمثل واقع شعوب المنطقة كلها بلا استثناءات تذكر، وهي تشترك مع كل شعوب شرقنا الأوسط السعيد في البنية الأساسية التاريخية، التي حكمت، ولاتزال تحكم، حركة تطور تلك المجتمعات. فالمشترك الديني هو الإسلام، وكلها خضعت ألفاً ونصف الألف من الزمان إلى حكم يستمد شرعيته نظرياً من القرآن، وعملياً من القوة العسكرية، التي يملكها ويسيطر عليها ويمنحها الأولوية من الرعاية والنفوذ. وبقيت هذه الشرعية واحدة حتى مع انتقال مراكز السلطة من دمشق إلى بغداد، مرورا بالقاهرة واسطنبول، إثر صراعات دموية هائلة دفعت شعوب المنطقة ثمنها الباهظ، من أجل أن تسيطر عشيرة أو عائلة أو طائفة على الحكم.

وتكونت من تلك الأنماط الحاكمة على مدى السنين الطويلة قيم وتقاليد وأعراف في أصول الحكم وإدارة الدولة.

وجاء الاستعمار الغربي ليرث تركة الحكم في المنطقة ويخضع الإدارة والحكم لمصالحه الاقتصادية والسياسية، مبقيا على ما خلفته القرون الماضية من أعراف وتقاليد وقيم وجدها صالحة لإبقاء سيطرته ودوام استعماره، وما ادعاؤه بنشر الديمقراطية إلا محاولة زائفة ليسبغ على استعماره واغتصابه للمنطقة وخيراتها مبرراً لانتشال شعوب المنطقة من التخلف، وإلحاقهم بركب المدنية الحديثة.

ومع الأسف فإن مرحلة الحكم الوطني، الذي جاء في أعقاب رحيل الاستعمار الغربي لم يجد له طريقا جديدا في إدارة الدولة غير تراث القوة العسكرية، واعتبارأن تلك القوة هي وحدها القادرة على تسيير شئون المرحلة الوطنية، وهي المالكة – وحدها – القدرات العلمية والثقافية التي تؤهلها لبناء الدولة الحديثة والتي تعطلت مسيرتها بسبب التخلف وهيمنة الاستعمار عليها طويلا.

ومنذ رحيل الاستعمار السابق – هناك عودة له كما يبدو – دخلت القوى الحاكمة المستندة على القوة في صراعات التنافس على القوة والسلطة، بمعزل كامل عن الشعوب التي ورثت بدورها على مدى السنين ثقافة القبول والخضوع لكل ما يمليه عليها الحاكم، وعدم الاعتراض أو الرفض أو حتى المطالبة بالبديل. وأصبحت شرعية الحاكم مستمدة مما يملك من قوة عسكرية يفرض بها سلطته على المجتمع. أما الشعوب، صاحبة الأرض والثروة والحق في الحياة فلا مكان لها في هذا الصراع على السلطة ولا مكان لها في هذا التداول بين مالكي القوة العسكرية والأجهزة الأمنية.

تناقضات ديمقراطية!

هذا الواقع الجماهيري المعيش اليوم هل أصبح واقعا ديمقراطيا فجأة؟ ويملك مقومات الحرية والوعي التي تؤهله للاختيار بين أفضل من يحكمه ويشرع له، وتمكنه من المحاسبة اللاحقة له، لو انحرف أو أخطأ؟!

وهل تجاوزت شعوب المنطقة تراثها السياسي وأعرافها وتقاليدها وثقافتها التقليدية؟ التي رسختها أزمان من التسلط في إدارة الحكم، واتساع رقعة الجهل وتفشي الخرافة، وانتشار الفقر والجوع مع انفجار تزايد السكان على رقعة جغرافية محدودة في مصادر الإنتاج، سواء الزراعي منه أو الصناعي؟ هل تجاوزت كل ذلك لتصبح مؤهلة لأن تختار حاكمها وممثلها في مجالس التشريع والإدارة؟

إن ما نشاهده اليوم من تجارب انتخابية في منطقتنا يؤكد على حقيقة مشتركة بينها، هي أن من يدير ويشرف على تنفيذ تلك الانتخابات هي السلطة الحاكمة الماسكة بالقوة وأجهزة الدولة، وخاصة القوة العسكرية، ولذا نجد أن نتائج تلك الانتخابات كلها تأتي دائما لمصلحة السلطة نفسها التي أجرت الانتخابات وأشرفت عليها، فهي التي تسيطر على وسائل الإعلام، وهي التي تتحكم في قوت الشعب المنتخب، في الوظائف الحكومية والشركات والمصانع، فضلا عن أجهزة الأمن غير المرئية التي تنتشر في مفاصل الدولة وأركانها.

ولكن العنصرالأهم والأكثر فعالية من السلطة الحاكمة وقواها، هو الإنسان، الذي يطلب منه القيام بعملية الاختيار، فهذا الإنسان أو الفرد الذي يمثل الثروة البشرية المتاحة في هذه المجتمعات لا يملك مؤهلات الاختيار الصائبة، فأغلبية هذه المجتمعات التي أجريت بها الانتخابات تتماثل في مستوياتها في تدني مستوى المعيشة، وارتفاع نسب الجهل والأمية، والتهرب من التعليم، وهي ظروف تؤثر سلبا على مستوى الوعي في المجتمع، سواء من حيث معرفة الفرد بحقوقه السياسية، أو على المستوى المعرفي الذي يعد ضرورة من ضرورات قيام ونهضة أي مجتمع يرغب في التقدم والارتقاء.

إن مجتمعا يصل النقص في عدد المدرسين فيه إلى ما يزيد عن (3000) ثلاثة آلاف مدرس في جزئه الجنوبي وحده، وهو ما يعني ضمنيا أن هناك مشكلات كبيرة على مستوى توفير المدرسين المؤهلين وإعدادهم بشكل جيد، فضلا عما تعانيه أجزاء كبيرة فيه من صراعات دموية قائمة على القبلية والإثنية، والفقر، وتدني الرعاية الصحية تسود في أغلب بقاعه، مجتمع بهذه المكونات هل بإمكانه أن يحقق الديمقراطية ومضامينها في الحريات الفكرية والسياسية، وصولا إلى تداول سلمي للسلطة؟ وما ينطبق على تلك الحالة السودانية ينطبق على العراق الذي لم يعرف الاستقرار والتنمية منذ عشرات السنين، لأسباب عديدة أهمها صراع العسكر على التسابق على السلطة، التي استنفدت نفسها في صراعات دموية في الداخل، ومع الجيران في الخارج لعشرات السنين من الحروب واستنزاف الثروات المادية والبشرية على حد سواء. فهل يمكن لمجتمع كهذا أن نثق في اختيارات أفراده؟ فمجتمع منهك، تهيمن عليه العوارض نفسها التي ذكرناها «الفقر، الخوف، وانتشار الجهل» وأطفال يتسربون من التعليم بسبب اليتم والجوع واندثار العائلة، فضلا عن المرض وتدني الخدمات الطبية والعلاجية وتدهور المؤسسات الطبية. ونعود ونتساءل، هل بمقدور مجتمع يعاني من هذه الآفات الفتّاكة أن يحسن اختيار من يحكمه ويشرع له قوانينه ويراقب أداء حكومته؟ في الوقت الذي لايزال – فوق هذا وذاك – يعيش شبه حرب أهلية تقوم على المذهبية والطائفية والإثنية ؟!

وفي التجربة التالية، وهي الإيرانية، والتي لانرى كثيرا من الفوارق في المكونات بينها وبين التجارب المذكورة، فمع كل ما يقال عن التجربة الديمقراطية الإسلامية وحكمها الذي مضى عليه أكثر من ثلاثين عاما متواصلة، لا نرى سوى ديمقراطية تتمحور حول الزعيم الأوحد، الذي لا ينازعه مخلوق في سلطته، التي يستمدها من السماء والمجهول، وسيطرة القوى العسكرية وأجهزة الأمن التابعة لها، ولا صوت غير صوتها وإرادتها التي يجب أن تصب في صناديق الاقتراع، فالشعب واجب عليه أن ينتخب وفقا لإرادة القائد والسلطة، التي تقبض على القرار السياسي والاقتصادي والأخلاقي والمعيشي، وتفرض رأيها ورؤيتها في كل مفاصل الحياة للمجتمع، وهي التي تقرر من له حق الترشح ومن له حق الاقتراع، وهي التي تقنن حدود الحرية المسموح بها للمواطن وطبيعة المحرمات والمقدسات التي يحظر على المواطن الاقتراب منها.

بين الشكل والمضمون

إن تأمل «الأشكال» السياسية التي توصف بأنها ديمقراطية في هذه المجتمعات وغيرها من الدول المصنفة ضمن الدول المتخلفة، أخذا في الاعتبار أن المقصود بالتخلف هنا ليس بما نملك أو لا نملك من ثروة مادية، بل بقدر ما نملك أو لا نملك من حرية وإرادة. فمثل تلك الأشكال السياسية لا علاقة لها بجوهر ومضمون الديمقراطية الحقيقية، الديمقراطية كفلسفة وفكر، في إقامة الدول وإدارة المجتمعات، وما لهما من جذور عميقة في ذهنية الأفراد والحكومات على حد سواء، وهو شأن الديمقراطية الغربية التي نحاول أن ننسخ اسمها فقط ونتجاهل، بل نحارب، مضمونها.

فالمجتمع الإيراني الذي يموج بالحراك العنيف، منذ أعلنت نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وخاصة حركة الجيل الجديد من شبابه، يعاني داخليا من الأزمات الاقتصادية التي تجعل مستوى البطالة يصل إلى 12% اثني عشر في المائة من عدد السكان، وهي نسبة خطيرة لا بد أن يرتبط بها العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية، خاصة الكلفة الباهظة التي تتحملها بالصرف على التسلح، والحصار الاقتصادي عليها من قبل كثير من الدول الكبرى، وما الممارسات التي تمت من قبل السلطة بعد إعلان النتائج إلا تأكيد على أن القوة العسكرية والأمن هما الأولوية والأصل، وليس الديمقراطية وحرية المجتمع.

إن القمع والتسلط واستخدام أقصى أدواتهما، في مجتمع يسوده الفقر، والمرض، والجهل لا يمكن بحال من الأحوال أن يتحول إلى مجتمع ديمقراطي، بل هو مجتمع، بهذه المواصفات، ينحو للتمزق والتفتت الإثني والطائفي، والقبلي، ويسوده العنف بين تلك المكونات، ولن تتمكن السلطة من كبح جماح هذه التحولات لأنها هي أساس إنتاجها وغرس بذرتها في تربة المجتمع، والأدلة كثيرة وشاهدة في التاريخ البعيد والقريب المعاصر، وربما أقرب مثلين معاصرين نستشهد بهما، ما حدث في العراق، من صراعات إثنية أدت إلى شبه انفصال الأكراد في دولة خاصة بهم في شمال العراق  وما يجري في السودان من استعداد لانفصال الجنوب في دولة مستقلة، هذان مثالان فقط، وهناك صراعات تزداد عنفا يوما بعد يوم في شرقنا الأوسطي، بين الإثنيات والطوائف والقبائل، لن تستطيع أن تكبحها ديمقراطية العسكر والتسلط الأمني.

وقد يشير البعض في هذا الصدد إلى أن هناك تجارب ديمقراطية مهمة نجحت، وحققت استقرارا وتنمية بالرغم من ارتفاع نسبة الفقر والأمية، والتنوع الإثني والطائفي فيها، كالهند على سبيل المثال، لكن علينا أن ندقق في مقومات التجربة الهندية وأسباب نجاحها وتطورها، وهي مثال جيد، علينا أن ندرسه ونقتدي به، خاصة للتماثل في كثير من المكونات الاجتماعية.

التجربة الهندية

فالتجربة الهندية ليست تجربة هينة، بل هي نتاج معاناة كبيرة حولت المفهوم الديمقراطي إلى عقيدة وثقافة عامة لدى الفقير والغني على حد سواء، وآمن بها الجميع وعمل من أجل استقرارها ونموها.

وأهم عوامل نجاح التجربة الهندية هو بزوغها من الشعب نفسه وقياداته الحزبية الشعبية، ولم تبدأ من السلطة العسكرية كما هو حاصل في منطقتنا العربية، فقد ساعد على تحقيق التحدي الكبير في الهند أن مؤسسيها، بعد التخلص من الاستعمار البريطاني، بداية من المهاتما غاندي، كانوا من الديمقراطيين الراسخين، فليس من السهل أن نجد في أي دولة في العالم غير الهند مثل هذه الوفرة غير العادية من الطوائف العرقية واللغات والأديان، والممارسات الثقافية المتنوعة، فضلا عن التنوع الجغرافي والمناخي، ومستويات التنمية الاقتصادية، ومع كل ما حدث في بداية عهد الاستقلال من مشاكل وصراعات طائفية ودينية، فإن الهند بقيادتها الديمقراطية قدمت تحديا كبيرا حولت بمقتضاه أعظم نقاط ضعفها إلى قوة. وعلى النقيض من العبارة التي  اتخذها الأمريكيون شعارا لهم: «من كثير إلى واحد» اختارت الهند لنفسها شعار «من كثير إلى أكثر».

وبفضل الفهم العميق للديمقراطية كوسيلة ضامنة للتعددية واحتواء التنوع العقيدي والطبقي والإثني. وبهذا الفهم تجاوزت الهند باستمرار الصعاب التي واجهت الديمقراطية، ومكنت الجميع من المساهمة في الشأن الوطني وأبعدت الأديان عن السياسة، وساوت بين الجميع في حرية الرأي والعقيدة واستبدلتهما بحرية الوطن للجميع.

وكان جواهر لال نهرو، أول رئيس لوزراء الهند وتلميذ غاندي، قد أمضى حياته السياسية بالكامل، متفرغا، لغرس العادات والقيم والتقاليد الديمقراطية في شعبه وهي ازدراء الحكام المستبدين، واحترام النظام البرلماني، والإيمان بالنظام الدستوري وترسيخه في عقول الناس. وقدم بذلك نموذجا اعتبره كل من جاء بعده طريقا له، وهو ما رسخ القيم الديمقراطية إلى الحد الذي جعل ابنته أنديرا غاندي تشعر بالخجل والالتزام بضرورة اللجوء إلى الشعب الهندي طلبا للغفران، بعد أن علقت الحريات في العام (1975) بإعلانها حالة الطوارئ التي دامت (21) شهرا، واحتراما منها للقيم التي تشربتها من والدها قررت عقد انتخابات حرة، وهي الانتخابات التي كانت خسارتها فيها فادحة، فقد كان هذا هو الرد المثالي للمجتمع الهندي الذي تشرب المبادئ الديمقراطية وتغلغلت في وعيه بكل طوائفه.

لهذا نرى أن تجربة الهند بدلا من أن نتقارن بها، علينا أن نضعها دليلا لنا إن أردنا أن نتحول إلى النظم الديمقراطية ونواكب العصر الذي نعيشه، والأولوية التي يجب أن تنتبه إليها النخب العربية الساعية إلى التحول الديمقراطي في أنظمة الحكم في شرقنا الأوسطي هي غرس قيم الديمقراطية أولا في مجتمعاتنا العربية، بكل السبل المتاحة، وأن تحول هذه النخب إلى نموذج قيادة، كما كان غاندي ونهرو وأنديرا في الهند، كشرط من شروط إمكان تحقق الديمقراطية السياسية بصورة صحيحة وفاعلة.

أن تحرير المجتمع هو الذي سيخلق قوة بشرية واعية، مدركة لمصالحها في وطن آمن مستقر ومنتج، فالديمقراطية بمعناها كفكر وفلسفة تعي المبادئ الأساسية التي تأسست عليها، وهي مبادئ حكم الأكثرية، واحترام وحماية حقوق الأقلية، وفصل السلطات، التشريعية والتنفيذية، والقضائية واستقلالها عن بعضها، ومفهوم تجزيء الصلاحيات، ومبدأ التمثيل والانتخاب، ومفهوم سيادة القانون والمساواة الكاملة أمامه، ومفهوم اللامركزية في اتخاذ القرار وتداول السلطة سلميا بما يختاره الشعب.

مبادئ الديمقراطية

هذه المبادئ الأساسية التي يحكم بجوهر معناها، المبادئ الحقيقية للديمقراطية، وليس مجرد إجراءات شكلية إدارية، تبدأ صباحا بطوابير تسقط أوراقا في الصناديق، وتنتهي  مساء بإعلان النتائج. فالديمقراطية إذن هي حياة يومية يعيشها الإنسان طوال حياته من يوم مولده حتى وفاته.

واليوم نرى أن النخب العربية تتحمل مسئولية أساسية في تأكيد هذه المقولات عبر الدعوة لتفعيلها في الخطاب الإعلامي العربي، وفي التعليم بكل مراحله، وتأكيد المفاهيم الليبرالية التي تحترم الجميع ولا تفرق بين رأي وآخر أيا كانت درجة الاختلاف في الرأي.

ومع الأسف فإن جولة على المحطات الفضائية العربية والتعرف على طبيعة برامجها، والطريقة التي يتحاور بها المتحاورون، والتي تقدم بها البرامج، تؤكد أن ثقافة الديمقراطية بعيدة عن الذهنية العربية، فالحوار عادة ما يأخذ شكل الهجوم المتبادل وعادة لا يتمكن طرف النقاش أو أطرافه من الإنصات لبعضهم البعض، فضلا عن جرعة الاحترام بين الأطراف! فكل منهم لديه ما يقوله وليست لديه القدرة على الإنصات، وهي ظواهر تدل على ثقافة ما أسسته الشمولية والبوليسية في وعي الأفراد والجماعات، بل ونتيجة لمؤسسات ثقافية وإعلامية تقوم بدور المؤسسات القمعية، وليست منابر لحرية التعبير والتفكير ونشر التسامح وقبول الآخر في المجتمع.

————————————————–
تنويه
ورد في حديث الشهر السابق مايو 2010 أن «مشروع كلمة» للترجمة، يتبع مؤسسة محمد بن راشد المكتوم في دبي، والصحيح أن مشروع «كلمة للترجمة» تابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث في أبوظبي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*